السبت، 22 يونيو 2013

دورة (( استعد لرمضان بزيادة الإيمان )) للداعية أناهيد السميري

                                           


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وأمام الهدى الأمين محمد عليه  أفضل الصلوات وأتم التسليم
أما بعد فهذه دورة قدمتها الأستاذة أناهيد السميري
بعنوان (( استعد لرمضان بزيادة الإيمان ))
منقولة من غرف مسلمات فجزاهن الله خيرا






(١)
لنعتبر رمضان ضيف -وهذه هي الحقيقة- ولننظر متى سنستعد؟ ومتى سنستقبله؟
دائمًا الناس يسبقون الاستقبال بالاستعداد؛ وعلى قدْر مكانة الضيف على قدْر الزمن الذي يُقضى في الاستعداد.
... ولنا في صحابة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ خير قدوة ومثال، فقد كانوا قبل أن يأتي زمن رمضان بستة أشهر وهم يطلبون من الله أن يبلغهم رمضان وهم في خير حال.

لكن السؤال: بماذا يستعد لرمضان؟ بكلمة واحدة مختصرة يستعد لرمضان بالإيمان.
وسيتبين لنا ماذا نقصد بالإيمان وكيف يكون هذا الاستعداد.








(٢)
نبدأ بالقاعدة التي تقول:
تَعَرَّفْ إِلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ.
لكن أين الرخاء وأين الشدة في موقف مثل موقف رمضان؟ ما علاقة الرخاء والشدة برمضان وغيره من الشهور؟
• الشدة: وقت ضيّق ووضع حرج، الإنسان يريد أن يخرج منه إلى نتيجة.
... • والرخاء: وقت فيه سعة.
وقد أقسم -سبحانه وتعالى- بالعصر الذي هو الزمن، العمر الذي هو رأس مال الناس، ثم بعد هذا القسم انقسم الناس لنوعين:
• ناس في خسر.
• وناس في ربح.
نحن في هذه الأيام (رجب وشعبان) يعتبر زمن رخاء، وتأتي الشدة في رمضان. يقال لك: تضاعف الأعمال، الفرص أكثر، نريدك أن تقوم الليل، وتصوم النهار وتختم القرآن وتحسن إلى الوالدين وتفعل وتفعل... كلها مرة واحدة في ثلاثين يوم!

لو كنت مقطوع الصلة بهذه الأعمال ماذا سيكون عليك؟ سيكون من الصعب جدا أن تمارسها كما ينبغي جامعًا قلبك كما ينبغي!





(٣)
في 30 يوم يقال لك: كلما أكثرت من قراءة القرآن كلما ارتفع أجرك وعظم. ويقال لك: كلما وقفت على قدميك تقوم في الليل جامعاً قلبك كلما زاد أجرك إلى أن تأتيك الشدة في العشرة الأخيرة، ويقال لك: قلل من نومك وقلل من وقت أكلك واغتنم العشر.

هل تتصور أن هذا أمر يستطيعه شخص لم يعط نفسه فرصة للاستعداد؟! لا، ثم أنت إذا تعرّفت إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، فما موطنه هنا في رمضان؟
موطنه: أنه لو تعرفت إلى الله بالأعمال الصالحة؛ بقراءة القرآن بكثرة ذكره، بمحاولات جادة لقيام الليل ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، وفقك الله ،لماذا؟ لإحسانها، ليس مجرد ممارستها، وإنما للإحسان فيها في رمضان!

تصور عندما تدخل إلى رمضان والعهد قريب بهذه المعارف، ماذا سيكون؟ ليس تعرف لهذه المرة، ليس تعرف السنة الماضية لرمضان، سيكون ها هو قريب العهد، فالتعرف إلى الله في الرخاء يورثك إحسان في الشدة، وهذه القاعدة تنفع في الدعاء، في الصلاة، تنفع في سائر أحوال العبد. تعرف إلى الله في الرخاء، عندما يكون لديك وقت، والأمر ليس في حال اضطرار ويبقى لسانك لاهجًا بالدعاء، وقت الشدة ستجد لسانك طلقًا في دعاء الله. إذا كان حالك في الرخاء أنك طوال الوقت تدعو الله، عندما تأتي الشدة سينطلق لسانك في دعاء الله وهكذا. أنت في هذا الزمن اعتنيت بالقرآن اعتنيت بالإيمان في رمضان وقت الشدة وقت الضيق ستجد نفسك تستطيع أن تحسن في زمن ضيق.







(٤)
قال الشيخ عبد الكريم الخضير -حفظه الله- عضو اللجنة الدائمة للإفتاء: "الإنسان يذهب في الأوقات الفاضلة وفي الأماكن الفاضلة ليتفرّغ للعبادة لكنه لا يعان! لماذا؟" يذهب في رمضان ويترك كل شيء! يذهب ويترك أحواله وأوضاعه ويذهب إلى مثلاً أحد الحرمين ليتفرغ للعبادة، لكن يجد نفسه لا يعان، يجد نفسه نعسان، يجد نفسه متشتت، لماذا؟! قال: "لأنه لم يتعرّف على الله في الرخاء، يهجر القرآن طول العام، وإذا ذهب إلى الأماكن الفاضلة يريد أن يقرأ القرآن في يوم كما كان عليه السلف أو في ثلاث أيام! كلا، لا يمكن" لابد أن تكون في الرخاء قد عمرت أيامك من أجل أن تعان على الإحسان، لا تعان على الإحسان إلا عندما تتعرف إلى الله في الرخاء. يقول: "ويسمع الحديث الصحيح: ((مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ)) ويقول: (المسألة أربعة أيام، لن أتكلم بكلمة)؛ ولكن هل يستطيع أن يسكت؟! هل يعان على السكوت؟! لا يمكن وقد فرط في أوقات الرخاء!".

وعلى هذا سنخرج من هذا النقاش بمسألة غاية في الأهمية من كلمة قالها الشيخ (لكنه لا... يعان) العبادة منك يا عبد الاستعانة، الفضل من الله أن يعينك، فأنت لا تتصور أنك محسن بقوتك، لا تتصور أن إحسانك في رمضان بقوتك. وقد اتفقنا سابقاً على هذه القاعدة ولا زلنا ونكررها: ابتلاؤنا ليس في قوانا الذاتية. نحن أصلاً عبيد لا قوة ذاتية عندنا، إنما كل بلائنا في قوة استعانتنا بالله. ففي الرخاء تدرب نفسك على العمل الصالح مع الاستعانة، الجزاء أنك وقت الشدة تعان.

ثم قال الشيخ: "ورأيت شخصاً في العشر الأواخر من رمضان بعد صلاة الصبح، وظاهره الصلاح قبل أن يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، شغل الجوال وتكلم إلى أن انتشرت الشمس"!! هذا الوقت يعتبر وقتاً فاضلاً في الأيام العادية فكيف في رمضان كيف في العشرة الأخيرة كيف وهو في الحرم؟! فتصور الجمع بين كل هذه الفضائل بعد ذلك هذا الرد. قال الشيخ: "فهل مثل هذا يليق بمسلم هجر أهله ووطنه وتعرض لنفحات الله أن يكون بهذه الصفة، وعلى هذه الحالة؟!" انتهى كلامه. الجواب: لا، طبعاً، لكن السؤال لماذا يحدث مثل هذا؟ لماذا نجد أنفسنا في الحرم مثلاً ونفتح المصحف بعد ما نقرأ آية أو نقرأ صفحة نجد نفسنا نتلفت يمين ويسار؟ لماذا لم نعان على أنفسنا؟ لأن العبد من أجل أن يعان لابد أن يعبد الله-عز وجل-بعبادة الاستعانة، وهذا يحتاج إلى تدريب إلى زمن ويكون هذا الزمن في وقت الرخاء.

يتبع بإذن الله



(٥)
لا بد أن تلاحظ دائماً زاد، تستزيد به وتستعد به لاستقبال مثل هذا الشهر العظيم، وأنت ترى أنه فرصة أن تعيش إلى وقته، ثم يمكن أن لا تعيش! فنقول:
قَدْ لا يُبَلِّغكَ إلى رَمَضَانَ أجلُكَ فَلْيَسْبقْ إليْهِ قلْبُكَ.

... ليس شرطًا لهذا الاستعداد أن تكون ممن يبلغ الزمن، لكن يمكن أن يسبق قلبك إلى الشهر قبل بلوغه. المقصد أن هذا الاستعداد لا يمكن أن يضيع، ستجد آثار الاستعداد هنا ولما تبلغ هذا الشهر الفاضل.


يتبع بحول الله



(٦)

نستعد لرمضان بالإيمان، من أين لنا بهذا؟
نأتي لنصين محفوظين متفّق عليهما، لا يوجد أي خلاف لا عند أهل الحديث عليهما.
...
قال عليه الصلاة والسلام: ((مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)).
وقال: ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))
من أين آتي لنفسي بالإيمان في رمضان؟!
لابد أن أدخل رمضان ومعي الإيمان، إذاً الإيمان كأنه متطلب سابق!
الإيمان موجود أصلاً وبعد ذلك تدخل وتصوم ومعك إيمان، والإيمان سيأتي لك بالأمرين ، أهم عملين الفرض الصيام، وأعظم نافلة في رمضان قيام الليل.

ما الشرط من أجل أن يكون صيامك وقيامك سبب لمغفرة ذنوبك؟
لابد من شرطين ((إيماناً واحتساباً)).

ما معنى احتساباً؟
شخص قام يصلي وفي قلبه مشاعر (يا رب أنا احتسب عليك هذا العمل أنا قمت من أجلك، وانتظر الأجر عندك، والناس لا قيمة لهم عندي ولا أريد ثناءهم ولا أريد رضاهم، فقط الأجر عندك يا رب).

المقصد أن هذا الاحتساب مثل الإيمان يحتاج تدريب، الناس اليوم كلهم مقتنعين أن كل شي يأتي بالتدريب.
خطك ليس جيداً، أدربك، مشيك ليس جيداً. لو كان طفل صغير أدربك، حتى الأعمال التعبدية يحتاج لتدريب لكن تدريب القلـــــب، الاحتساب هذا يحتاج إلى تدريب القلب من أجل أن لا يأتي شهر كامل ويمر كل يوم وأنت تقول:
والله أنا غفلت وربنا غفور رحيم، لا ننكر أن الله غفور رحيم، أنا لا أكلمك على أنك ستدخل إلى عذاب، بل أكلمك عن الدرجات العلا التي نخسرها بسبب انشغالنا عن قلوبنا هذا هو الأمر الخطير.

أنتم تتصورن أن درجات الجنة مثل هذا الدور والدور الذي يليه !؟ ترى الناس الذين في الأدنى من الجنة يرون الأعلى مثل ما يرى الكوكب الدري ! مثل ما يرى اليوم أهل الأرض النجم الذي فوق تلمع من بعيد ! هذه فوارق في الدرجات ما هو الفارق الأعمال متقاربة ؟!

الفارق: قلوبهم، العناية بها، تدريبها، بذل الجهد من أجل أن ينجز الإنسان عملاً بقلبه ليس فقط بجوارحه. المقصد سواء أقول: إيماناً أو احتساباً في الاثنين النتيجة: لابد من تدريب سابق على هذه الأعمال.




(٧)

إلى الآن لدينا ثلاثة أسباب تجعلني أفتح هذا الموضوع:
1. تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة.
... 2. قَدْ لا يُبَلِّغكَ إلى رَمَضَانَ أجلُكَ فَلْيَسْبقْ إليْهِ قلْبُكَ.
3. ترتيب الأجر على الصيام والقيام مرتب على ما مع العبد من إيمان.
نحن ندخل هذا الشهر العظيم غالباً بهمة عالية، نجلس عشرة أيام أو اثنا عشر يومًا إلى خمسة عشر يوم ثم ماذا يحصل ؟؟ تقل الهمة، وأقول لنفسي لا بأس فقط خمسة أيام ثم تأتي العشرة الأخيرة أشد همتي! وأجد نفسي على الوراء ! ما العلة؟ ولماذا كل سنة يحصل ذلك؟! وكل سنة أجد نفسي أكثر سرعة في نزول الإيمان ؟! السبب: الإيمان. يعني الإنسان أصلاً فيه (ضعف إيمان) فيأتي موسم الطاعة ما يكون نفسه عميق يستطيع أن يتجاوز زمناً محدوداً وبعد ذلك ينزل، نحن متفقين على قاعدة عند أهل السنة والجماعة يرددونها دائماً : (إن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية) كلما زدت طاعة كلما زاد إيمانك كلما أقبلت على الأعمال أكثر.


المفروض بهذه القاعدة أن أكون ثاني يوم من رمضان أفضل من أول يوم؛ لأنني قمت بأعمال صالحة في أول يوم، فالمفروض أنه زاد إيماني فالمفروض ثاني يوم أكون أحسن، لكن ليس منطقي أن أجد نفسي بعد خمسة عشر يوم أنني كنت في اليوم الأول أو الثاني أحسن من السادس عشر أو السابع عشر، إذاً أين المشكلة؟ أنه حتى هذه الأعمال فيها من النقص ما يسبب عدم زيادة الإيمان، إذاً أصبحت العلة أساساً في الإيمان، الإيمان فيه خلل أو عدم عناية أو عدم تفتيش لإشكالاته، من أجل ذلك ما نجد الأعمال تصب في الإيمان، المفروض الأعمال تصب في الإيمان تزيدك إيماناً وإذا زادتك إيماناً ويقيناً أول الشهر تعمل وأنت عندك شيء من الثقل آخر الشهر تعمل وأنت عندك شيء من القوة لماذا؟ لأن اليقين يزيد وإحساسك بأن الدنيا ستذهب لابد ولابد أن يذهب أهلها ولابد أن استعد لما وراء ذلك وهذه فرصة من أجل أن أعظم أعمالي، فالمفروض أن يزيد الإيمان الذي يسبب الزهد في الدنيا والإقبال على الآخرة. نحن نسأل حقيقة عندما يأتي آخر شهر رمضان هل يحصل الإقبال على الآخرة أو الإقبال على الدنيا؟ الجواب: الإقبال والاشتياق على الدنيا، معناه أن هناك أمر مخبأ؛ الإقبال على الدنيا.




(٨)

نأتي الآن إلى الأدلة في كتاب الله عز وجل التي تتكلم عن مسألة زيادة الإيمان، من أجل أن تتصور أن زيادة الإيمان لها طريقها، والله عز وجل يحيي الإنسان حياة ويجري عليه أقدار من أجل أن يتبصر فإذا تبصر ازداد إيماناً.
1. قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً} .
2. {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً}.
3. عَنْ عَبْدِ الله بن عَمْرو بن العَاص رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((إِنَّ الإِيمَانَ لَيخلق فِي جَوْفِ أَحَدكُمْ كَمَا يَخلقُ الثَّوْبُ، فَاسْأَلُوا الله أَنْ يُجَدِّدَ الإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ)) ماذا يحصل للإيمان في القلوب؟ أنه يبلى ـ كما في الرواية الثانية ـ مثل الثوب الذي يتحلل خيوطه فيصبح سهل التمزق، فالإيمان هكذا في القلب وهذا تشبيه للإيمان باللباس، فإذا لبس الإنسان حلة الإيمان كان هذا سبباً في انتفاعه بكل الأزمان كل الأوقات وإذا هذا الثوب تخرق ضعف الإنسان في الانتفاع بالفرص.

الحياة كلها فرص للارتفاع والقربى؛ هذه حقيقة الحياة كلها فرص للارتفاع والقربى منه سبحانه وتعالى؛ زوج أولاد جيران نفس المواقف والأحداث كلها هذه عبارة عن فرص يجب أن أجعلها جسوراً للوصول إلى الله سبحانه وتعالى والارتفاع عنده.
ما الذي يضعف انتفاعنا بهذه الفرص؟
ضعف الإيمان؛ نلبس ثوبا خفيفاً ضعيفاً من الإيمان فتتكرر الفرص وأنا لا انتفع منها.
ما المطلوب الآن؟
لابد أن تعرف أن إيمانك سبب صبرك على الطاعة وإيمانك سبب لصبرك عن المعصية وإيمانك سبب لصبرك على أقدار الله، كلما قوي الإيمان كلما قوي صبرك على الطاعة. فأصبح قيام الليل مثلاً في رمضان يسير لوجود الإيمان؛ وكلما زاد إيمانك كلما زاد صبرك عن المعصية، كلما زاد إيمانك كلما زاد صبرك على الأقدار. من الجهة الأخرى كلما زاد إيمانك كلما أصبح عندك حساسية شديدة للنعم؛ فتشعر بأدق النعم، ومن ثم يزيد الإيمان ويزيد الشكر، يزيد الإيمان يزيد الصبر. وأنا أسير في الحياة وجدت أن شكراً ضعف، وصبراً ضعف بأقل مراجعة تفهم ماذا ؟ إيمانك ضعف، أريد أن أزيد شكري وإحساسي بالنعم وأزيد صبري على طاعة الله وعن معصية الله وعلى أقدار الله، أزيد إيماني، إذاً زيادة الإيمان هذا مطلب طول الحياة، وهو مطلب تريده عندما تدخل في زمن فاضل إلى عمل فاضل، تأتي بأسباب تزيد لك الإيمان.

السؤال : هل أفتش في يومي وليلتي ما أنا فيه من الإيمان ؟
عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال : إن من فقه المرء أن يعرف إيمانه هل هو في زيادة أو نقص؟! هذا الموضوع ما مكانه في قائمة المهام؟ المفروض في أعلاها، لكن عملياً إلى أي درجة أنا أفتش؟ أنت تقول: أنا لا أعرف الإشارات كيف يزيد وكيف ينقص؟ لو كنت مهتم بالإيمان وشعرت أن الإيمان هو القاعدة، وعلى أساس هذه القاعدة يكون:
• الصبر ويكون الشكر.
• ويكون بقية الطاعات.
• ويكون التلذذ بحلاوة المناجاة.
• ويكون سهولة الدعاء.
• ويكون حسن الأخلاق.
تصور!! كل شيء مبني على ما معك من إيمان، أنا أحس نفسي تدهورت أخلاقي، أحد أولادي يكلمني أجد نفسي سريع الغضب مع أنني قبل يومين أو ثلاثة كنت في حال أحسن، نقول: نحن أكيد هناك عوامل بدنية سببت مثل هذه التأثيرات ارتفاع الغضب وانخفاضه، نحن لا ننكر العوامل البدنية، لكن نقول: لما يزيد الإيمان يحجب الإنسان ويحفظ عن المعاصي، والعكس لما ينقص الإيمان يوكل الإنسان إلى نفسه.
فقضية الإيمان ليست قضية يسيرة؛ لها علاقة بالاستعداد لرمضان، والإنسان لا يستعد لرمضان إلا بالإيمان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((من صام رمضان من قام رمضان إيماناً واحتساباً)) والاحتساب مبني على الإيمان، إذاً وأنا داخل رمضان يجب أن يكون معي إيمان من أجل أن أحقق الشرط الذي به يغفر لي، لكن لا تظن أن القصة فقط في رمضان، أنت طول الحياة تحتاج إلى مقياس تقيس به إيمانك، ولهذا كم من شواهد لنقص الإيمان يشهدها الإنسان على نفسه وهو لا يشعر !


يتبع بإذن الله







(٩)
دائماً احرص أن تفتش نفسك في موطنين:
• قبل مواسم الطاعة.
فتش من أنت في إيمانك وسلوكياتك؟!
... • بعد حالات انشغالك في الدنيا.
ندخل في الدنيا في أزمات أولادي يختبروا أو أفرش بيتي إلى أخر الأشياء التي تشغل في الدنيا، الآن بعد ما أمر بأزمة دنيوية وأجد نفسي انخرطت في الدنيا أيام وليالي آتي بعدها أفتش عن إيماني ماذا حدث له؛ لأن الانهماك في الدنيا لابد أن يضعف الإيمان.

فكلما زاد زمن الانهماك في الدنيا كلما زاد ضعف الإيمان.
الحل: التفتيش أمر مهم وطلب أسباب زيادة الإيمان أمر مهم، وأهم منه أن نبقى ملاحظين إيماننا فنسأل الله أن يجدد إيماننا؛ النبي صلى الله عليه وسلم يقول:(( فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم )) راجع قائمة دعواتك وانظر كم مرة تسأل الله أن يجدد إيمانك ويزيده؟ غفلتك عن هذا معناه أن الإيمان ليس ذا بال وضيعت الأساس الذي يبنى عليه كل العمل.

حرص السلف على ازدياد إيمانهم:
• كان عمر رضي الله عنه يقول لأصحابه:"تعالوا نزدد إيماناً".

• وكان مثله يقوله ابن مسعود رضي الله عنه يقول:"اجلسوا بنا نزدد إيمانًا"؛ ويقول في دعائه:"اللهم زدني إيمانًا ويقينًا وفقهًا".
• وكل هذه الأدعية إشارة ودليل على فقهه؛ لأن الإيمان لو زاد صلحت الأعمال، نقص الإيمان سبب لنقص الأعمال أو نقص صلاحها، فعندما تجد جفاء في قلبك يجب أن تعرف أن الذي ضعف هو الإيمان.
• وكان معاذ رضي الله عنه يقول:"اجلسوا بنا نؤمن ساعة" نجلس مجلساً نذكر فيه الله عز وجل فيزداد الإيمان.

أسبـاب زيادة الإيمان الآن :
نستعد لرمضان بالإيمان، الاحتساب ناتج الإيمان، أن تحتسب وقلبك يرقب رضا الله هذا مبني على إيمانك، قوة الإيمان تيسر الاحتساب، فأنت تدخل على هذا الشهر العظيم وعلى كل مواسم الطاعات مستعداً بالإيمان، لكن قررنا ونحن نتناقش أن الاهتمام بالإيمان ليس حكراً على الاستعداد لرمضان أو للحج أو للمواسم المباركة إنما هو حياة يجب أن تعيشها دائماً، يجب أن تكون فقيه، أنت جاهل لو كنت تعيش الحياة ولا تعرف ما أنت من الإيمان زائد أو ناقص. المفروض خطة الحياة هذه فيها بذل جهد أن تأتي بأسباب زيادة الإيمان.
يتبع بإذن الله







(١٠)
نبدأ أولاً، نحدد أسباب زيادة الإيمان بثلاث أمور :
• أولاً: تعلّم العلم النافع ـ وهذا رأس كل سبب.
• ثانيًا: التأمُّل في آيات الله الكونية .
... • ثالثًا: الاجتهاد في الأعمال الصالحة والمداومة عليها.

هذا كلام إجمالي، اتفقنا أن هناك أسباب تسبب زيادة الإيمان، وأنت تأخذها وقائم في قلبك أنك تريد زيادة إيمانك، وسترى أثر ذلك، ونلاحظ أن الأسباب مبني بعضها على بعض، فالسبب الرئيس هو تعلم العلم النافع ومنه يخرج السببين: التأمل في آيات الله الكونية والاجتهاد في الأعمال الصالحة. بدون العلم لن تعرف التأمل في الآيات الكونية ولا تستطيع أن تترجمها وبدون العلم لا تهتدي ما هو العمل الصالح الذي يحبه ربنا.

أهم شي نهتم به أن نهتم بالسبب الأول.
[ تعلُّم العِلْم النافع ]: تعلم العلم نافع مبني على ماذا؟ على أي مصدر؟ تقوية الصلة بقال الله وقال رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما عندنا مخرج آخر، وعلى ذلك المفروض أننا سننكب على كتاب الله ـ عز وجل ـ؛ لكن المشكلة أن الانكباب والعناية بكتاب الله أخذ وجهات نظر؛كل واحد ذهب إلى موطن في الانكباب، نتفق على طريقة توصلنا إلى المراد. سنفصل في العلم النافع وماذا يكون في قلبك حال تحصيله؟ وتهتم بماذا؟ لأن هناك أشياء كثيرة تدخل تحت العلم وما هي أولوياته؟ فمَن وُفِّق لهذا العلم، فقد وُفِّق لأعظم أسباب زيادة الإيمان: قال الله تعالى:{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}

{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} هذه الكلمة التي نسأل الله أن نعيش عليها وعليها أن نموت! شهد الله لنفسه هذه الشهادة وشهدت أيضاً الملائكة، وشهد أهل العلم بلا إله إلا الله، لكن شهادة حق تثقّل الميزان، هل يمكن أن يشهد شهادة لا تثقل الميزان ؟ نعم. الشهادة هذه تخرج مَنْ المؤمن ومَنْ المنافق، ما الفاصل بينهما ؟ إيمانه الواقع في قلبه. ما الذي يأتي بإيمانه الواقع بقلبه ؟ أن يكون عنده علم ويقين. إذاً ماذا نقول؟ أن شهادة أولوا العلم بلا إله إلا الله شهادة ذكرها الله مع شهادة الملائكة إشارة إلى قوة إيمانهم؛ أولوا العلم فيهم قوة إيمان بلا إله إلا الله، وهي سبب لأن يذكروا مع الملائكة.

يتبع بحول الله





استعد لرمضان بزيادة الإيمان
(١١)
الذي وفق للعلم وفق لأهم أسباب زيادة الإيمان نأتي بشواهد على ذلك:
الله لما شهد لنفسه سبحانه وتعالى باستحقاقه أن يكون إله وشهدت الملائكة على ذلك ذكر في الآية أن أولوا العلم شهدوا أيضاً بذلك، شهدوا من رؤية أم شهدوا من علم؟
ما نوع العلم؟ هل هو علم طارئ سطحي؟ ما وصفه ؟
إنه علم يقيني.
ولهذا تعال لهؤلاء في قبورهم وانظر يُسأل العبد في قبره من ربك؟ واحد يجيب: ربي الله، الثاني يقول: ها ها، كنت أسمعهم يقولون !! في رواية لابن ماجه وهي صحيحة: أن الملائكة تسأل هذا الرجل الذي كان ثابتاً في جوابه وقال: ربي الله، هل رأيت ربك؟ فيجيب: لا ينبغي أن يرى في الدنيا!! فأيّ علمٍ هذا ؟!!
هذه الشهادة التي وجدت في قلبه وثبتت ليست مبنية على رؤيا إنما على علم يقيني، فإذا وجد العلم أصبح أهل هؤلاء العلم ممن حقاً شهد الله لهم أنهم شهدوا شهادة حق وأنهم شهدوا بالحق.
معنى هذا أن العلم الذي تتعلمه سترى شواهده في كل شيء، وهكذا يتحول العلم من مجرد منظور إلى يقين، ألسنا كلنا نحفظ قوله تعالى:{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } كلنا نعرف أنه تبارك وتعالى وتعاظم، وكلنا نعرف أنه بيده ملك كل شيء، وكلنا نعرف أنه على كل شيء قدير.
هذه مسلّمات لكنها (مسلّمات معلوماتية).
لكن الممارسة كلما أتاك أمر وجدت نفسك ممكن أن تفزع لغيره ممكن أن تطلب غيره أو تصاب بالإحباط فلا تطلب ولا تسأل ولا تبحث ولا تفعل أي شيء لا تطلب الله عز وجل، ألست تعلم أن وصفه أنه له ملك كل شيء؟ أنت عن ماذا تبحث ؟! عن قلب أبناء، أو عن قلب زوج، أو عن عقل، أو عن دراسة، أو عن ماذا تبحث؟ كل الذي تريد أن تبحث عنه ملك لله، والله قادر على أن يهبك أو يهبه أو يفعل ما يريدـ سبحانه وتعالى ـ فما بالك يشهدك الله أنه على كل شي قدير ويخبرك أن له كل شيء !
ثم تأتي مواقف يشهدك كيف تأتي لك حبة من الخردل من صخرة
ثم يقال لك: هذا مثال لقدرته! بعد ما ترى المثال على قدرته تنسى المثال وتعيش كأنك لا تعرف ربك !! هذا الإشكال واضح
ضعف الإيمان يحصل كيف ؟! أنا أحفظ نصوص كثيرة فيها وصوفات الكمال لله ـ عز وجل ـ والحياة كلها أحداث تجري بعضها خلف بعض، المفروض تبصرني لشواهد كمال صفاته.
كل الحياة عبارة عن أحداث تنطق أن الله كامل الصفات، من يسمع هذا النطق ومن يرى هذا التفسير؟! البصير الذي أعطى نفسه فرصة أن يتدبر.

لذلك مهم جداً أن تعرف الأسباب الثلاثة:
• العلم النافع
• يأتي بعده التأمل في آيات الله الكونية
التي في الكون وفي الآيات التي تجري عليّ شخصيًا

فهذا التأمل هو الذي يحول العلم من مجرد معلومات إلى يقين.
يتبع بحول الله










استعد لرمضان بزيادة الإيمان
(١٢)
كثير من الناس يحفظون القرآن كاملاً، ثم تأتي من المواقف والأحداث تقول هذا لا يعرف آية في كتاب الله! كم مرة بخلنا في الإحسان ونحن نحفظ {إن الله يحب المحسنين}؟!كم مرة أتت لك فرصة أن تكون ممن يحبهم الله في هذه اللحظة تحسن فيحسن الله إليك فغفلت! كم مرة استفزونا الناس؟ وبعد ذلك نعيش الاستفزاز ويمارس علينا ونحن نستجيب له! وكان المفروض أن هذا كله ينقطع بأن الله يحب المحسنين؛ فأحسن بكلمة واحدة فينقطع الأمر كله ثم أنجح في الاختبار وينتهي الموضوع.

قد تقول: لكن الغفلة واردة؟!
نعم الغفلة واردة ومتكررة وتحصل لا بأس، لكن من غير المعقول أن هذه الغفلة الواردة تكون من أول ما أنا أفهم إلى أن أموت وأنا لا أرجع أبداً ولا أفهم ليس منطقياً!! لكن أفهم وبعد ذلك أنسى هذا أمر أخر، ثم يجب أن تلاحظوا أمراً مهماً وقد ذكرناه سابقاً مراراً أن كل واحد فينا ابتلي بنقطة ضعف، هذه نقطة الضعف التي دائماً يرتد فيها ويتقدم. سبق أن مرّ علينا الحديث:((إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم)) وعندما مرّ معنا اتفقنا ما المقصود بالأخلاق؟ يعني الطباع الجبلية؛
الله ـ عز وجل ـ ابتلى واحد بالغضب هذا طبعه الجبلي، وأصبحت هذه نقطة اختباره، هذا الطبع الجبلي الذي عنده ماذا يحصل له؟ يتعلم يتعلم بعد ذلك يفهم ويتقدم قليلاً بعد ذلك يرتد وبعد ذلك يجاهد ويتقدم ويرتد هذه نقطة ضعفك، لا تناقش في نقطة ضعفك كلمني عن باقي أحوالك، الأشياء العادية التي لم تبتلى فيها بطبع.

واحد ابتلي بأنه مبذر وواحد ابتلي بأنه غضوب وواحد ابتلي بأنه بخيل، هذه صفات جبلية ابتلي بها الإنسان اختبار له، ما مقدار مجاهدته فيها؟ هذه نقاط الضعف يحصل فيها أن يتقدم الإنسان ويعود، لكن أنا لا أكلمك عن نقطة الضعف هذه، هذه النقاط ممكن يبتلى الإنسان أنه شحيح وبعد ذلك هذا اليوم الذي يخرج فيه عشرة ريال قد أنجز إنجازاً يرى نفسه أنجز إنجازاً جزاه الله خيرًا، وبعد أيام يقول: لا، المفروض أن هؤلاء يعملوا ليس المفروض أن نعطيهم كذا وكذا، الآن رجع إلى الوراء بعد ما أعطى عشرة ريال رجع إلى الوراء، نقول: هذا يتردد ويذهب وكل مرة أكلمه وأزيده حتى يتحسن في النقطة هذه يجاهد فقط هذه النقطة، لكن المفروض في باقي الصفات كلما تعلم المفروض أن يتقدم، لا يبقى في مكانه في كل شيء، وإلى الوراء في كل شيء، في حب الدنيا إلى الوراء يزيد ويزيد؛ يعني هذا أمر مهم أن تفهم عن نفسك ما نقطة ضعفي؟ أحياناً نقطة الضعف عند إنسان حبه للأنس فلا يريد أن يخلو، طوال الوقت يريد أن يذهب عند هؤلاء ويخرج عند هؤلاء هذه نقطة ضعف موجودة جداً في النساء دائماً يحبوا الأنس
سيأتي زمن لن تأنس فيه بأحد فكر في تلك الوحشة الحقيقية وابحث عن أنيس!

إن الإنسان يُعذر في تردده بين تقدم وتأخر عندما يكون الله عز وجل ابتلاه بطبع، يعني لا أقارن واحد الله ابتلاه أن يكون شحيحاً بواحد ربنا ابتلاه بأن يكون كريماً. والابتلاء بمعنى الاختبار، أقول له: انظر كيف أخوك ما شاء الله لا يأتي له راتب إلا ويدفع منه. لا يصح هذا الكلام، لماذا؟ لأن هذا لم يبتلى مثل هذا!

المقصد: أن العلم النافع هو علم يأخذه الإنسان ويحوله إلى يقين، ليس مجرد معلومة. كم من المرات نتكلم عن كمال صفاته؟! كم مرة نقول: ربِّ الناس، ملك الناس، إله الناس كم مرة نقول؟! أين إحساسنا بربوبيته وملكه ـ سبحانه وتعالى ـ وكمال صفاته ـ سبحانه وتعالى ـ ؟ كل هذا فيه ضعف، نتيجة معلومات لكن لا يوجد عين بصيرة ترى هذه المعلومات وتحولها إلى اليقين.

يتبع بحول الله





استعد لرمضان بزيادة الإيمان
(١٣)
ندخل الآن في التفاصيل لنحدد أهداف لنا قريبة وأهداف طويلة المدى.
عندنا ثلاثة أهداف:
• قصيرة.
• ومتوسطة.
• وطويلة.
الطويلة هذه تحمل العمر كله، القصيرة تحمل الشهر الذي نحن فيه ليس الذي انتهى بل الذي سيبدأ ـ إن شاء الله ـ
سأتفق معكم على برنامج خلال هذه الشهور بحيث يكون متواصل وليس كلام نسمعه في ثلاثة أيام وبعد ذلك يذهب كما يذهب، لا، نريد أن يكون متواصلاً. نكتب لنفسنا بعد ما نفهم هذا الإجمال الذي هو أبواب العلم التي تسبب زيادة الإيمان، نكتب لأنفسنا خطة نسير عليها قصيرة المدى وخطة متوسطة المدى ثم طويلة المدى اسأل الله أن يفتح علينا فيها.

نبدأ ألآن: أول باب من أبواب العلم وأهمه وهو المصدر وهو ما نتقرب إلى الله به دائمًا، وهو قراءة القرآن الكريم، والقراءة لابد أن يكون قرينها التدبّر. ونحن في خطة قصيرة المدى لمدة شهر، المفروض أن تضعي من أهدافك أن تختمي القرآن في هذا الشهر مع ملاحظة ما سنتفق عليه
هذا مبني على ماذا؟ مبني على اعتقاد ما قال سبحانه وتعالى في سورة الإسراء {إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}، إذاً أنت تفهم أن ما أخبرك الله به في كتابه ماذا يفعل بك؟ يأخذ بناصيتك إلى الهداية يأخذ بك إلى الهداية. أنا أقرأ القرآن من سنين ولا ألاحظ الهداية، ما ألاحظها مع اعتقادي أنه يهدي لكن أنا لا ألاحظها في نفسي ولا أجد جواباً شافياً لكثير من أسئلتي ؟! ما المشكلة؟ المشكلة بنا أكيد. فهم الخطاب ليس على ما يليق، يعني الله يخاطبني بخطابات أنا لا أنظر لا لأولها ولا لأخرها ولا ألاحظ أن هنا خطاب يقول {يَـأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} وهنا خطاب {اتَّقُواْ اللَّهَ} وهنا خطاب {كُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} {وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً} هذه الخطابات كلها لمن؟ فاعتقادك أن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم يجب أن يبنى عليه أن الخطاب أصلاً لي من أول القرآن لأخره.

وسأتكلم عن مشاعر تلحقنا وتسيء لنا ونحن لا نشعر، تسيء لإيماننا تسيء لعلاقتنا بالقرآن، سنتكلم عن أمرين في هذه المسألة: نحن تمر علينا آيات فيها ذكر للفواحش للزنا للربا لشرب الخمر للقتل للسرقة كل هذا يمر علينا ونحن عندنا حاجز نفسي يقول: أنا لا علاقة لي بها! هذا الذي في قلوبنا، وعلى هذا أي خطاب تخويف من السرقة ومن شرب الخمر كله ليس لي علاقة به، وعلى ذلك آتي على جزء من كتاب الله أتجاهل مشاعري اتجاهه! أنت تقول: أنا الحمد لله متربي تربية جيدة وفي بيئة محافظة ونحن بعيدين عن هذا كله. نقول: ما دام الخطاب أتى لك فالمفروض تخاطب نفسك به، لما تركنا زمنًا طويلاً مثلًا: أن نعرف الخمر والآيات التي أتت في التشديد عليها، بعد ذلك يأتي في مدرستي يأتي في معهدي ولا يأتي في موقف عام أحد يقول: ولدي والعياذ بالله يستخدم كذا وكذا ماذا أقول له؟ ماذا أقول له؟ إني أتذكر آية أو أتذكر اسم أوصفة من أسماء الله توعد الله فيها على شارب الخمر وما في حكمه، لا أستطيع، لا أتذكر أبداً هذا الأمر، ثم من قال أنك محفوظ من الشر لو ما استعذنا بالله منه؟ المفروض كل هذا عندما يمر هذا أن نسأل الله أن يحفظنا ويحفظ أبناءنا ويحفظ ذريتنا وأبناء المسلمين. سيمر معنا ـ إن شاء الله ـ قول لأبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه كان يدعو في سجوده (اللهم احفظني من الزنا والربا وشرب الخمر) فكانوا يقولون أأنت يا أبا هريرة ؟! يقول (ومن يأمن قلبه !!) من يأمن قلبه وأنتم تعرفون للأسف كل شيء بدأ يحيط بنا، لا تتصور الأمور بعيدة.

فعلى هذا عندما تقرأ كتاب الله لا تأتي عند نصوص وتحجز نفسك عنها بأنه ليس لك علاقة.
يتبع بحول الله










استعد لرمضان بزيادة الإيمان
(١٤)
سنبدأ بالكلام عن تعلم العلم النافع:
تكلمنا كيف أن العلم النافع سبب لزيادة الإيمان، ويكفيك أن الملائكة تستغفر لك،أهل السماء يستغفرون لك أهل الأرض يستغفرون لك، المخلوقات التي خلقها الله ـ عز وجل ـ تستغفر لك، إلى أن بدأنا كيف أتعلم العلم النافع؟ قلنا: أهم طريقة لتعلم العلم النافع هو : قراءة القرآن وتدبره، وأنت عندما تقرأ القرآن ماذا تعتقد؟ أن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم، هذا الاعتقاد الذي تعتقده أولاً، ثم تعتقد أنك في ظلمة والقرآن ماذا يفعل بك؟ يخرجك إلى النور.

طوال ما نحن نحس أننا في نور لن نشعر بقيمة وجود القرآن في حياتنا، لابد أن تشعر أنك في ظلمة معنوية حقاً، حتى تجد في كتاب الله ما يرشدك إلى مرادك، ولهذا أنت دائماً لديك أسئلة استفهام كيف أعامل كذا؟ كيف أتصرف في كذا؟ كيف أهتدي في كذا؟ ماذا أفعل؟ الآن أنا حالي ما اسمه؟ أنا وضعي الآن ما حاله؟ يعني الآن تمر في أزمة وبعد ذلك يأتي الشيطان ويقول لك: تدعي وتظن أن ربك سيستجب لك؟ أصلاً أنت مليء ذنوب وذنوبك إلى السماء وإلى آخره، اذهب للمصحف واقرأ {يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} وهذا المضطر اسم لشخص وقع في الاضطرار بدون وصفه لا مؤمن ولا كافر، لا تائب ولا فاسق، اسمه فقط مضطر، إذاً أنا اسمي مضطر أدخل تحت هذه الآية، مهما كان حالي:
• مذنب
• تائب
• قريب
• بعيد
هذا الكلام يخاطب به حتى أهل الكفر وأهل الإيمان.
يعني أنت في هذه الحالة اسمك مضطر.

وفي كتاب الله إنه الشفاء لأمراض الصدور من الشبهات والشهوات، ويمكن أن يمر على الإنسان وهو يقرأ في كتاب الله شيء من تلبيس الشيطان.
أول ما تقبلون على كتاب الله تريدون أن تتدبروا كلام الله، يشبّه عليكم الشيطان الأمور! ويدخلكم في مشاعر تخافون منها، وتقولون: لا، أقرأ وأنا لا أفهم من أجل أن لا أتكلم على ربنا شيء في قلبي شيء ليس صحيح، نقول: اسمع الله ـ عز وجل ـ يقول: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} ما دام أنت داخل على القرآن بالإيمان يصبح شفاء ورحمة لك
المقصود أن الشيطان لن يتركك في أول الإقبال، فأنت ادحر الشيطان بالاستعاذة والاستعانة ومزيد الجهد والصدق ويدفعه الله. يجب أن يأتي في البداية يشوشك، يقول: كل آية اقرأها لا أرى أنها تزيدني إيماناً، أرى أن قلبي يتكلّم عن ربنا، استعذ أكثر من الاستعاذة، كل مشكل يحصل لك يجب أن نرشد كيف نتعلمه؟ كل أمر شبهه على عقلك لا تعظمه إنما استعذ سيدلك الله لابد أن يرشدك الله.

المهم أن تعرف بأن القرآن شفاء لأمراض الصدور من الشبهات والشهوات، وإذا كان شفاء لابد أن تعرف أن الدواء دائماً في أوله غير مستساغ، لكن يجب أن تعرف أن بعد الدواء شفاء، لأن الذي أنزله وعد بالشفاء، ماذا يقول سبحانه وتعالى في يونس؟ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} يعني هي موعظة لكل الناس وشفاء وهدى ورحمة لواحد مقبل على القرآن وهو مؤمن به. المرارة من تلبيس الشيطان، المرارة من حرصه على إضلالك من بغضه.
فدائماً أول الأعمال الصالحة فيه تشويش، لكن هذا التشويش إنما جعله الله وترك إبليس يفعله اختباراً لك، تتمسك بحبال الله أم تنفرط عليك المسألة؟

الاستعاذة عبادة تؤجر عليها كالذكر كالصلاة كقراءة القرآن: يلجأ فها القلب ويفزع إلى ربنا يريد أن يحميه وهو يعتقد أن الله الملك العظيم يريد أن يحميه من عدوه، لكن المشكلة أننا باردين تجاه عدونا لا نحس بعداوته !!

لكن على كل حال عداوة الشيطان غير ظاهرة، الاجتهاد في دفع وسوسته غير ظاهرة، ولذلك نقول وأنت على الاجتهاد في قراءة القرآن وفهمه والتدبر فيه لا تظن أنه يغفل عنك، سيكون حريص على تشبيه الأمور لك، أنت ستكون حريصاً على بقائك إلى أن يزيله الله، على قدر استعاذتك وثباتك وتأملك في نصوص كتاب الله.

يتبع بحول الله





استعد لرمضان بزيادة الإيمان
(١٥)
ما هو العلم الذي نريده؟
العلم الذي يزيد معرفتك بالله ومعرفتك بحقه.

يعني أنا عندي شقّين للعلم وعليه يدور أي نقاش حول العلم، حول هذه الشقين.
العلم النافع ما هو؟!
• الذي يزيد معرفتك بالله
• ويزيد معرفتك بحق الله.

فلم يصبح عندي إلا مسألتين هما:
• أنا أريد أن أعرف الله.
• وأريد أن أعرف حق الله.

وإذا عرفت الله سيسهل عليك أداء حق الله، وإن عرفت حق الله ستعرف يقيناً كيف تأتي بحقوق الآخرين . فأنت لما تبر والديك، يكون قيامك بالبر سببه ماذا؟ عندما أمرك الله بالبر أصبح لهم حقاً عليك، وحقهم عليك ما أقره حقاً إلا الله ولن يحاسبك عنه إلا الله. هذا المال لله فيه حق وهو الزكاة والصدقة لأن الحق بين واجب ومندوب، إذاً الصدقة صحيح أنت تعطيها للفقراء لكنها أصلاً حق لله، فأصبح الدين في كلمتين: معرفة الله ومعرفة حق الله.

غالباً ونحن نتعلم نجتهد في معرفة حق الله أكثر من اجتهادنا في معرفة الله!
ولذلك نجد ما نجد من برود ومن انقطاع في أداء حق الله، من ردود فعل ما كان يجب أن تكون، يعني بيمينه يتصدق وبيساره يمنّ على الخلق لأنه لا يعرف أن الله هو المنّان، من أجل ذلك وقع منه هذا الأمر، ولذلك بيُسر وبسهولة أبطل عمله.

نريد أن نرتب المسألة ترتيباً منطقياً، ماذا يجب أن تفعل؟
أولاً تتعلم عن الله تعالى تعرف الله، ثم إذا عرفت الله تعالى ماذا تفعل ؟ وأنت حريص على هذا الأمر تعظيماً لله تتعلم حق الله فتؤديه، فجاءني بعد ذلك العمل الصالح.

عبد يعرف الله ويعرف أن من أسماء الله تعالى أنه (توّاب) ماذا سيؤثر عليه؟ لما يفشل لا ييأس، أنا أعرف الله أولًا ثم أعرف حق الله، حق الله أن أتي في هذا الموقف أفعل كذا وكذا ففشلت، لمّا أعرف الله سأعاود الكرة

يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن) وفي رواية أخرى (لا تعجزنّ) بنون التوكيد

المقصود أننا لابد أن نعرف الله قبل أن نقوم بالأعمال لئلا يقطع علينا الشيطان سبيل الوصول إلى الله، كم يأّس الشيطان أهل الإيمان من طريق الله؟ يأّسهم كثيرًا، كثيرًا ما يأتي الشيطان للإنسان ويقول: الآن بعد ما فعلت كل شيء واستجبت لغضبك أو فعلت ما تريد من هواك تريد التوبة. ولأن هذا الإنسان لا يعرف الله لا يعرف أن التوبة فعل من العبد يفرح به الرحمن مهما كُرِّرت، فمعنى هذا أن عدم معرفة الله تسبب للإنسان اليأس والتوقف وهو يعمل الأعمال الصالحة، تسبب له أن يعامل الله العظيم كامل الصفات كما يعامل الخلق يقيس بعقله يقول: لما أخطئ في حق واحد واعتذر له واكرر بعد ذلك ليس لي وجه، نقول: هذا الكلام مع الخلق لكن مع الله أنت تتعامل مع من هو كامل الصفات، لكن عدم معرفة الله جعلت الخلق عندما يقوموا بالأعمال لا تسبب لهم الأعمال زيادة الإيمان أحيانًا تسبب لهم نقص الإيمان لأنهم يريدون عملًا كاملًا، فلما تحصل لهم غفلة ولا يعرفوا ربنا يستولي عليهم الشيطان ييأسهم من نفسهم ويقول لهم: هذا أنت لا يمكن أن تنجح هذا حالك.

من أجل ذلك العلم النافع في كلمتين هما: معرفة الله ومعرفة حق الله. ويجب أن ترتب المسألة ترتيباً منطقياً أولاً لابد أن نعرف الله ثم نعرف حقه، فإذا عرفت الله أديت حقه كما ينبغي وكلما زاد فهمك لتربية الله كلما زاد جمع قلبك وقت القيام بحقه.


يتبع بإذن الله

ليست هناك تعليقات:


حينما تكبل فئة من الناس الذنوب وتغمس أفئدتهم في مستنقع الشهوات من عفن الغناء إلى صخب وانحطاط المشاهد وإدمان النظر إلى المومسات ... حينها يطلق قلمي العنان لرحلة المشتاق إلى بلاد الأشواق ... حيث اللذة الدائمة والنعيم المقيم ياأهل الدنيا