الثلاثاء، 28 أغسطس 2012

وهج المشاعر





الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين , وبعد :
إن للمحبة في ديننا منزلةً عظيمة , يتجلّى من خلالها أن الإسلام قائم على المودة فيما بين العبد وربه , يحب رسوله , ينعم بأسرة ترفرف على جنباتها الألفة والوئام , يتفيؤ المجتمع ظلال هذه المحبة بأبهى صوره من : الحب , والتكامل , والتعاون , والتعايش.....وحب الله لعبد من عبيده أمر هائل عظيم ,وفضل غامر جزيل , لا يقدر على إدراكه إلا من يعرف الله سبحانه بصفاته كما وصف نفسه . 
وبين يدي ذلك لابد أن تعلم – رعاك الله – التالي: 
أولاً : أن المحبة مبنية على المشاكلة , واتفاق الطباع , فشبيه الشيء منجذب إليه , كما يقال: " الطيور على أشباهها تقع ". 
قال تعالى :( الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات ... ) , وفي الحديث : " الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف " مسلم .


لذا كان من أسباب الطلاق اختلاف الطباع , فالله خالق الرجال والنساء منهم الجبان, ومنهم الشجاع , ومنهم السخي , ومنهم البخيل , ومنهم الحليم , ومنهم الغضوب , فإذا اختلفت الطباع , ولم يصبر أحدهما على خلق صاحبه صار الطلاق. 
ثانياً :القلب لا يستقر على حالٍ واحدة في المحبة , فهو في تغير , وتقلّب دائم , وكان من قسم النبي – صلى الله عليه وسلم - :" لا ومقلب القلوب " البخاري . 
وقديماً قيل : 
ما سمّي القلب قلباً إلا من تقلبه
فاحذر على القلب من قلب وتحويل

لذا كان لابد من ضابط لشطحات القلب , وانفعالاته بالعقل الذي يرى التفاوت العظيم بين لذة عاجلة زائلة تنقضي , وتبقى تبعاتها , وخزيها , وفضيحتها , وعذابها , وبين نعيم مقيم , آجل كريم , وصدق الله إذ قال : ( أفرءيت إن متعناهم سنين , ثم جاءهم ماكانوا يوعدون , ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون ), وفي هذا الصدد تقول عائشة – رضي الله عنها - : " قد أفلح من جعل الله له عقلا " .
ثالثاً : إن الحب هو سبب بناء الكون , وإعماره بالحياة , وانتظام شؤون الخلق , وتناسلهم , وإبداعهم , وعملهم وبه يكون الترابط بين المسلم وأخيه , والأسرة الواحدة , والعشيرة والمجتمع .
رابعاً :الحب سر تحمّل الصعاب , والشدائد , والأهوال كل على حسب ما علق به , فالمحب لله والرسول تهون عنده الطاعات , بل يشتاق إليها , ولا يلتفت إلى إيذاء الناس له , ومحاربتهم وصدهم له عن الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى , وإقامة دينه .

يقول أبو فراس الحمداني : 
فليتك تحلو والحياة مريرة 
وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر
وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين 
وكل الذي فوق التراب تراب

- كما إن من علق قلبه بالمال لايبالي بأخطار السفر , ومن علق قلبه بامرأة لا يلتفت لنداء العقل , وضياع الكرامة والمهابة ولوم الناس , بل ربما ردد قائلاً : 
لي في محبتكم شهود أربع 
وشهود كل قضية اثنان
خفقان قلبي واضطراب جوانحي
ونحول جسمي وانعقاد لساني
- يقول ابن القيم – رحمه الله - :" من أحب شيئاً غير الله عذّب به " .

لقد ثبتت في القلب منك محبة
كما ثبتت في الراحتين الأصابع

أخيراً : فالمحبة هي : الميل إلى ما يوافق المحبّ , وقد تكون بحواسه كحسن الصورة , أو بفعله إما لذاته كالفضل والكمال , أو لإحسانه كجلب نفعٍ , أو دفع ضرر .
والله أعلم

حينما تكبل فئة من الناس الذنوب وتغمس أفئدتهم في مستنقع الشهوات من عفن الغناء إلى صخب وانحطاط المشاهد وإدمان النظر إلى المومسات ... حينها يطلق قلمي العنان لرحلة المشتاق إلى بلاد الأشواق ... حيث اللذة الدائمة والنعيم المقيم ياأهل الدنيا