الأحد، 10 يونيو 2012

هل لان عزمنا ؟

 
حين أنظر للمجتمع عن كثب، بنظرة تفصيلية لأحداث يومهم، اهتماماتهم، مشاغلهم، أفكارهم، وأفعالهم، أجد نفسي تشتعل حرقة على ما يظهر من سمات دنيوية شهوانية في أغلبهم، حيث ينحصر اهتمام الواحد منهم في نفسه، أو أهل بيته وأصحابه ، دون أدنى اكتراث بما يحدث في العالم من حولهم، متخلين عن شريعة الله شيئاً فشيئاً؛ متناسين أنهم خلقوا من أجل حاجة واحدة فقط؛ وهي : عبادة الله.
أين هم منها ؟ أين هم من الاستسلام والتسليم والانقياد لأوامره، واجتناب ما نهى عنه ؟ ثم أين هم من حثهم إخوانهم المسلمين للقيام بالمعروف، ونهيهم إياهم بإنكار المنكر، ثم أين همهم في الدعوة إلى دين الله ؟

في زمن كثرت فيه الفتن، وضاقت الأرض بما رحبت على أهل العقيدة السليمة، ودين لا تشوبه شائبة، في زمن تكالبت فيه الأمم على أمة لا إله إلا الله ، محمداً رسول الله، وفي زمن يسعى كل فاسد معتقد للدعوة إلى معتقده، باذلاً ماله ونفسه وطاقته من أجل نشر نصرانية أو يهودية أو هندوسية.
قرأت قصة لأحدهم أججت لهيب العزيمة في داخلي، وأبكتني على غفلة الأمة، وانطفاء همتها عما يلزم أن تكون، يقول :
" كنت في مهمة عمل في مدينة ساوباولو في البرازيل، ونزلت أحد الفنادق قريبا من المركز الإسلامي في المدينة وذات مرة توجهت إلى مسجد المركز ، لأداء صلاة الفجر وكان الجو باردا ماطراً، وما إن دخلت المسجد حتى غمر بدني وروحي دفء عميق، لكن فاجأني وجود امرأة تجلس في آخر المسجد تضع منديلا على رأسها وملابسها غير محتشمة!
استغربت ذلك ودارت في رأسي التساؤلات لكني أرجأت البحث عن إجابتها حتى أدرك الصلاة وكنا ثمانية مصلين، وبعد الصلاة قام شخص في الخمسين من عمره ، يتحدث الإنجليزية بطلاقة؛ فقال: أنا فلان من نيوزيلندا ، أعمل محاميا ، وقد ولدت هناك لأبوين مسلمين ، وبعد أن كبرت تعرفت على الإسلام الحقيقي لا الوراثي ؛ فتلذذت به أيما تلذذ وحرصت على دعوة المحرومين إليه حتى أبرئ ذمتي أمام الله ، وقد وفقت للعمل الدعوي من خلال شبكة الإنترنت، وخاطبت الكثير من الناس، وممن خاطبتهم تلك المرأة التي تجلس هناك في آخر المسجد.
بدأت حديثي معها عبر الشاشة عن العمل ؛ فهي تعمل محامية أيضا ثم تعمقت أحاديثنا في الأديان والعقائد ؛ فأخذت أبين لها محاسن الإسلام ومزاياه واستمرت مناقشاتنا عدة أشهر ؛ فاقتنعت أخيرًا بدخول الإسلام عن رغبة وإيمان لكنها لم تجد من يعينها على ذلك هنا ، وبحثت عن مراكز الدعوة الإسلامية ؛ فلم تجد إلا مركزا مغلقا خشيتُ أن يلين عزمها ؛ فأتيت فوراً من نيوزيلندا لحضور إسلامها ؛ ولتعليمها بعض مبادئ الدين، وإيصالها ببعض المسلمين الذين يعيشون هنا؛ ليعين بعضهم بعضاً ولولا ارتباطي بقضايا مهمة في نيوزيلندا لبقيت عدة أيام ، وما أسرعت بالحضور إلا لأنني لا أدري هل أعيش أنا ، أو تعيش هي حتى أفرغ وأجد الوقت المناسب.
ناداها وقال : الآن سوف تنطق بالشهادة أمامكم ؛ فجاءت إلى مقدمة المسجد ، ونطقت بالشهادة فقال الرجل: الآن هدأ بالي ، وسأعود إلى بلادي ، وأتركها أمانة في أعناقكم يا مسلمي ساوباولو إنها مسؤوليتكم أن تنصروها وتتعهدوها وتعلموها الإسلام، اللهم هل بلغت ... اللهم فأشهد.
انتهى الرجل من كلامه ؛ فقام أحد المصلين - من المقيمين في ساوباولو - وقال: أنا أتعهد بها مع زوجتي البرازيلية .
سرت في جسدي قشعريرة ؛ فلم أنتبه إلا وأدمعي تذرف ، وإذ بالذي بجواري يبكي وينتحب، والذي بجواره، وإذ بنا كلنا نذرف الدمع.
عندها عرفت أنه لا يزال في الناس من يبذل الغالي والنفيس من أجل إنقاذ نفس من النار، وأن هناك من يبكي فرحا بذلك ، وأن هناك من سيبكي خجلا ، إذ لم يبذل شيئا لهذا الدين .
بقي أن تعرفوا أن هذا الداعية المسلم قد قطع نصف قطر الكرة الأرضية قبل أن يصل إلى ساوباولو ليصلي معنا صلاة الفجر!
والآن أنا .. وأنت .. وأنتِ .. ماذا فعلنا ..؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر : http://www.wdawah.com

ليست هناك تعليقات:


حينما تكبل فئة من الناس الذنوب وتغمس أفئدتهم في مستنقع الشهوات من عفن الغناء إلى صخب وانحطاط المشاهد وإدمان النظر إلى المومسات ... حينها يطلق قلمي العنان لرحلة المشتاق إلى بلاد الأشواق ... حيث اللذة الدائمة والنعيم المقيم ياأهل الدنيا