الخميس، 6 ديسمبر 2012

لا يكن أحدكم إمعة


لا يكن أحدكم إمعةNew-Pants
لماذا هذا الموضوع ؟
من عظمة هذا الدين العظيم الذي ندين به أنه يجعل أتباعه مميزين في شخصياتهم في أفكارهم في تصوراتهم في منطلقاتهم ، في حكمهم على الأشياء ،لأنهم يتميزون بأن معهم ميزان الحق والعدل الذي لا يخطيء ؛ فيزنون الأمور بالكتاب والسنة ،فلا يتبعون هوى ولا يصغون السمع مفتونين بباطل ولا يرضون لأنفسهم أن يكونوا ذيولا تابعين لغيرهم ، لكننا الآن في عصر أكبر ما يميز
ه أنه ( عصر اللخبطة ) فنحن نعاني من فوضى في التوجيه والإعلام والفكر، وفي عصرنا حدثت طفرة كبيرة في الإعلام من صحافة وإذاعة وفضائيات تعمل 24 ساعة وتحاول أن تنقل كل جديد وغريب وعجيب ، وأغلب ما يقوم عليه الإعلام اليوم استراتيجيّة الإلهاء : المتمثلة  في تحويل انتباه الرّأي العام عن المشاكل الهامّة عبر وابل متواصل من الإلهاءات والمعلومات التافهة، وتشويه الحقائق ، ويقوم الإعلام أيضا على ابتكار أو افتعال الإشاعات وتفريخ الشبهات عبر المثلث الثلاثي الجاذب لأكبر عدد من القراء أو المشاهدين :  الدين والسياسة والجنس ... ويستضيف مجموعة مأجورين تحت مسمى مفكر إسلامي ، أو باحث في الشأن الاجتماعي ، أو ناشط سياسي  وتقدّيم مفردات رنانة مثل : رغبات ، مخاوف ، أطماع ،تآمر ، المتاجرة بالدين ، الظلاميون ، الرجعيون ، الإسلام السياسي.......ففي هذا الإسهال الإعلامي وبرامج اللت والعجن  المسماة (التوك شوز ) تجدالتشكيك في الثوابت والطعن في الرموز وإلباس الباطل ثوب الحق ، والحق ثوب الزور فيظل الحليم حيرانا ، فكان هذا الموضوع للتحذير من أن يكون المسلم إمعة متأثرا بهذه الفوضى الكلامية ؛ أو مقلدا لغيره تقليدا أعمى .
وما أحوجنا إلى برهان من الله نبصر به هؤلاء وكلامهم على حقيقتهم ويكون عندنا فرقان من الله نستبصر به الأمور على حقائقها .

معنى الإمَّعة :
الإمَّعةُ - بكسر الهمزة وتشديد الميم -: الذي لا رأْي له ولا عَزْم، فهو يتابع كلَّ أَحدٍ على رأْيِه، فهو لا رأي له .

الإمعة والتقليد الأعمى:
مما لاشك فيه أن الإنسان يتأثر بمن حوله وبما حوله من أشخاص وأحداث وأشياء ..والإنسان المتوازن يتأثر ويؤثر .. وهذا يعني أن التقليد يمكن أن يكون طبيعياً ، حيث يتأثر الإنسان بالأشخاص من حوله بأفكارهم وسلوكهم وتصرفاتهم وثيابهم وغير ذلك ، والتقليد في الخير خير ،أما التقليد في التفاهة والشر فهو شر ، وعادة يقلد الأضعف الأقوى ويتأثر به كما يقلد الصغير الكبير ، لأنه يشعر بالنقص والضعف ويتمنى أن يتخلص من ضعفه ونقصه من خلال التشبه بغيره .

التقليد الأعمى وقصة القرود الخمسة :qatarw.com 1771583752
وأبلغ مثال عن التقليد الأعمى قصة القرود الخمسة حينما وضع مجموعة من العلماء خمسة قرود في قفص واحد
ووضعوا في وسط القفص سلم وفي أعلى السلم وضعوا بعض الموز في كل مرة يتسلق أحد القرود لأخذ الموز يرش العلماء باقي القرود بماء شديد البرودة .
بعد فترة بسيطة أصبح كل قرد يتسلق لأخذ الموز، يقوم الباقون بمنعه وضربه حتى لا يُرشون بالماء البارد ، بعد مدة من الوقت لم يجرؤ أي قرد على صعود السلم لأخذ الموز على الرغم من كل الإغراءات خوفا من الضرب... بعدها قرر العلماء أن يقوموا بتبديل أحد القرود الخمسة ويضعوا مكانه قردا جديدا، فكان أول ما قام به القرد الجديد أنه صعد السلم ليأخذ الموز ، ولكن فورا قام الأربعة الباقون بضربه وأجبروه على النزول ....بعد عدة مرات من الضرب فهم القرد الجديد بأن عليه أن لا يصعد السلم مع أنه لا يدري ما السبب!!!!قام العلماء أيضا بتبديل أحد القرود القدامى بقرد جديد ، وحل به ما حل بالقرد البديل الأول حتى أن القرد البديل الأول شارك زملائه بالضرب وهو لا يدري لماذا يضرب!!!!وهكذا حتى تم تبديل جميع القرود الخمسة الأوائل بقرود جديدة حتى صار في القفص خمسة قرود لم يرش عليهم ماء بارد أبدا ومع ذلك يضربون أي قرد تسول له نفسه صعود السلم بدون أن يعرفوا ما السبب ؟!!!
لو فرضاً سألنا القرود لماذا يضربون القرد الذي يصعد السلم؟ أكيد سيكون الجواب: لا ندري ولكن وجدنا آباءنا وأجدادنا له ضاربين.

وللأسف ثقافة المجتمع هنا في الغرب الشذوذ في المظهر لجذب الأنظار ...حلق altالشعربطريقة غريبة ، الخرز والدبابيس في الأنف والشفتين والآذان ، الوشم( Tattoo )الملابس الممزقة والمقلوبة أحيانا  .... البناطيل الساقطة ....
وواسفاه وجدنا من المسلمين هنا في الغربة من انزلق في حضيض التقليد والذوبان وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا !!!
أين الهوية الإسلامية :
ومن العجب العاجب أن تجد مسلما يهيم على وجهه في الدنيا كالريشة في مهبalt الريح ،لا وزن له ولا ثبات ولا قيم ولا هوية ولا مباديء .
فالمسلم الضائع أو المائع الذي ينقاد لغيره ، ألغى شخصيته فذابت مع غيره ،واعتقد جهلا أن الكمال في تقليد الغربيين في هوسهم ومجونهم ،لا في عملهم وإتقانهم وإبداعهم وتقدمهم وأخذهم بالأسباب وفي التفاعل مع الكون .
إن المسلم لابد وأن يوطن نفسه ويستقل بذاته عن غيره وقد ذكر القرآن أن من ندامة أهل سقر في النار والعياذ بالله (وكنا نخوض مع الخائضين) المدثر45، قَالَ قَتَادَةُ: كُلَّمَا غَوِيَ غَاوٍ غَوَيْنَا مَعَهُ .
كما علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم( لا تكونوا إمَّعة، تقولون: إن أحسن النَّاس أحسنَّا، وإن ظَلموا ظلمنا، ولكن وطِّنوا أنفسكم، إن أحسن النَّاس أن تُحسِنوا، وإن أساءوا فلا تَظْلِموا ) رواه الترمذي وقال الألباني إسناده ضعيف وقد صح موقوفا عن ابن مسعود
وهذا الحديث يذمُّ ويحذِّر مِن الإمَّعة، الذي يقلِّد النَّاس بدون وعيٍ في إحسانهم وإساءتهم
وعن الفضيل بن عياض -رحمه الله- قال: (اتَّبع طريق الهدى، ولا يضرُّك قلَّة السَّالكين، وإيَّاك وطرق الضَّلالة، ولا تغترَّ بكثرة الهالكين(

وعن كَمِيل بن زياد أنَّ عليًّا- رضي الله عنه- قال: يا كَمِيل: إنَّ هذه القلوب أوعية، فخيرها أوعاها للخير، والنَّاس ثلاثة: فعالم ربَّانيٌّ، ومتعلِّم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كلِّ ناعق، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق )
وأذكر أن أحد مشايخنا سألنا في درس له سؤالا قال :
لماذا يجري اثنان وعشرون لاعبا في مباراة كرة القدم وراء الكرة هذا يضربها والآخر يركلها ؟
فذهب الناس مذاهب فمنا من قال لإحراز الهدف .. لا للفوز بالمباراة .....لا لإثبات المهارة في اللعب  !!
فقال كلا ؛ إن السبب أن هذه الكرة منفوخة على الفاضي ) منفوخة هواء (وأي واحد منفوخ هواء سهل أن يُشاط (كالكرة ( فالشخصية التافهة المائعة لا وزن لها .
فتحديد الهدف وتكوين الشخصية المتزنة القويمة أمر هام جدا لأن الذي يعرف هدفه ينطلق إليه وبسرعة كالسهم .
على قدر أهل العزم تأتي العزائم      وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها         وتصغر في عين العظيم العظائم

الثبات على الحق:
لا بد للمسلم في هذا الزمان أن يوطن نفسه على الثبات على الحق وتمييزه من الباطل لأن هذا العصر كثر فيه موت العلماء، واتخذ الناس رؤوسًا جُهّالاً، و فشا
فيه الجهل، وقلّ فيه العلم، ونَطَق الرُّوَيْبِضَة،وصار هناك فوضى في الكلام والتوجيه، فأصبح الصَّحفي فقيهًا، والإعلاميّ مُشَرِّعًا، وقَلَّت فيه الثقة بالعلماء والهيئات الشرعية وما يصدر عنها من فتاوى شرعية صحيحة .... بل أصبح فيه الحديث والنطق من دَيْدن الرُّوَيْبِضَة، من التافهين والداعرين والأفاكين الذين يقلِبُون الحق باطلاً، والباطل حقًّا ، والذين يُزَوِّرُون الحقائق، الذين يقولون ما لا يعْلمون ويمارون فيما يَعِلَمون .
وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه النوعية من البشر فقال : (سيأتي على أمتي سنوات خداعات يكذب فيها الصادق و يصدق فيها الكاذب ويؤتمن الخائن و يخون فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة) قيل (وما الرويبضة؟) قال: (الرجل التافه السفيه يتكلم في أمر العامة)صححه الألباني
 وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن شيوع ذلك في آخر الزمان ففي الحديث عن مرداس الأسلمي رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم) : يذهب الصالحون الأول فالأول ، و يبقى حثالة كحثالة الشعير أو التمر ، لا يباليهم الله بالة( رواه البخاري
كم وزنك بميزان الرجال:
إذا كان الإمعة إنسان تافه يعبد مصلحته فإن المسلم الحق يتميز بأنه صاحب مبدأ لا يشترى و لا يباع ، لا تؤثر فيه سبائك الذهب اللامعة و لا سياط الجلادين اللاذعة ، فهو لا يباع ، و لا يشترى ، وأوزان الرجال لا تقدر بالكيلو جرام ولا بالأموال ؛ إنما تختلف بقدر إيمانهم وعلو همتهم وثباتهم وتأثيرهم في المجتمع حولهم وقوة الشخصية  وقد أخبر الله عن خليله إبراهيم أنه كان أمة ، ولا ننسى في هذا السياق قصة عمر بن الخطاب حينما قال لأصحابه: تمنوا. فقال أحدهم : أتمنى أن يكون ملء هذا البيت دراهم فأنفقها في سبيل الله
فقال: تمنوا قال آخر: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت ذهبا فأنفقها في سبيل الله . 
قال : تمنوا . قال آخر: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت جوهرا أو نحوه فأنفقه في سبيل الله.
فقال عمر تمنوا: فقالوا : ما تمنينا بعد هذا . 
كل هذه الأماني فيها خير ، لأنهم تمنوا المال من أجل إنفاقه في سبيل الله ، ولكن ماذا تمنى عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)؟ 
قال عمر: لكني أتمنى أن يكون ملء هذا البيت رجالا مثل أبي عبيدة بن الجراح .
وقال أبو بكر عن القعقاع بن عمرو : لصوت القعقاع في الجيش خيرٌ من ألف رجل "
والعرب تقول : رجل بألف وألف بنعل
وقال الشاعر في شأن بعض الناس :
قوم إذا صفعت النعال وجوههم      شكت النعال بأي ذنب تصفع
فزن نفسك كم تساوي وما هو قدرك بميزان الرجال نسأل الله أن يثقل موازيننا .

ليست هناك تعليقات:


حينما تكبل فئة من الناس الذنوب وتغمس أفئدتهم في مستنقع الشهوات من عفن الغناء إلى صخب وانحطاط المشاهد وإدمان النظر إلى المومسات ... حينها يطلق قلمي العنان لرحلة المشتاق إلى بلاد الأشواق ... حيث اللذة الدائمة والنعيم المقيم ياأهل الدنيا