الخميس، 6 ديسمبر 2012

يابنتي






يا بنتي..
رسالة لطيفة، حوت كلمات ونصائح تربوية قصيرة تخاطب الفتاة المسلمة في حياتها الأسرية والدراسية، كلها تبدأ بنداء "يا بنتي"، من قلب أبٍ مشفق يحب لبناته الطهر والعفاف، والسعادة والنجاح، والراحة والأمان.

وتتفاوت هذه الوصايا بين إرشاد في الدين، وآدابٍ اجتماعية، وعلم ونشاط، ودعوة ومسؤولية، وحول الصديقات والمعاملات، والترفيه والمنكرات، ومع الزوج وفي البيت، وفي التربية والأولاد...


وهنا انتقاء من الكلمات القصيرة التي جاءت في هذه الرسالة لمؤلفها الأستاذ/ محمد خير رمضان يوسف، مع محاورة شعرية لمعانيها من نظم ابنه صهيب:

يا بنتي..
أجملُ ما تحلَّت به المرأة هو الحياء، إنه خُلق قورنَ بالإيمان، فكوني حييَّة تكوني مؤمنة، وكوني مؤمنةً تكوني حييَّة:

زينةُ المرأةِ الحَيا.. لا الحِلَى والأَساورُ 
إنَّهُ ماسَةٌ بها تتسامَى الحَرائرُ 
والحياءُ الذي ابْتهَتْ بحِلاهُ تُمَاضِرُ 
أصبحَ اليومَ نادراً مِثلَما المَاسُ نادرُ 
يا ابنَتي، والحياءُ أوَّلُهُ والأَواخرُ 
لِيكُنْ دائماً مِنَ اللهِ.. واللهُ شاكرُ 

يا بنتي..
تجنَّبي الكذب، فإنه أسوأ خُلق تلبَّس به إنسان، لأنه يقلِّبُ الحقيقة إلى ضدِّها، والحقُّ مقدَّس في الإسلام، وهو من أسمائه جلَّ شأنه..
يا بنتي، إياكِ والكذب، فإنهُ حلوٌ كالسُّم، شهيٌّ قاتل:

الصِّدقُ دربٌ آمِنٌ يا ابنَتي 
يَمضي إلى الفِردَوسِ بالأتقياءْ 
تاجٌ على هامِ المُروءاتِ رصَّ 
عَتهُ يُمنَى دِينِنا بالسَّناءْ 
مَصُونةٌ مَن توَّجتْ قولَها 
بالصدقِ في شدَّتها والرَّخاءْ 
لا يكذِبُ المؤمنُ في قَولهِ 
هذا جَوابُ سيِّدِ الأنبياءْ 

يا بنتي..
تحلَّي بمكارمِ الأخلاق، فإنها نعمتِ الحصونُ، تتمنَّعين بها فيما يسرُّ وما يحزن:

بُعثَ النبيُّ متمِّماً لمَكارمِ الأخلاقِ 
ومُحَرراً للناسِ مِن وثنيَّةٍ وشِقاقِ 
فبَنَى لأجلكِ قَلعةً في تُربةِ الإشراقِ 
هيَ قلعةُ الأخلاقِ، يَحْميها العَزيزُ الباقي 
فيها الأمانُ مِن الهَوى ودَسَائسِ الأفَّاقِ 
أبُنيَّتي، حِصنُ الحَصانِ إطاعةُ الخلاَّقِ 

يا بنتي..

البرُّ بالوالدين يكون بطاعتهما فيما لا معصية فيه، وبالدعاء لهما، وتطييب خاطرهما، ومساعدتهما في البيت أو العمل، وكم تقرُّ عيونهما عندما يريانكِ وقد اعتمدت على نفسك وصرت تساعدين الآخرين وتؤدين دوراً فاعلاً في محيطك.. إنهما ينظران إلى ثمرة يانعة طالما انتظرا نضجها، فأفرحيهما بما يُعجبهما وما يَطيب به قلبهما:

هبَّت رياحُ البرِّ.. فاغتنِمي الرياحْ 
ولتُفرِحي أبوَيكِ في الغدِ بالنَّجاحْ 
فبذاكَ وصَّى اللهُ في قُرآنهِ: 
أنْ تَخفِضي لهُما مِنَ الرُّحمَى الجَناحْ 
رعَياكِ في مَهدِ العقيدةِ والأمانْ 
حتى تكُوني في حياتكِ ذاتَ شانْ 
فلتَحمَدي اللهَ الكريمَ على النَّعي 
مِ، فرُبَّ طفلٍ لَم يذقْ هذا الحنانْ 
كَم يَسعَدانِ إذا عَملتِ الصالحاتْ 
وَسلَكتِ دربَ العابداتِ الزاهِداتْ 
وغدَوتِ داعيةً ومُرشدةً إلى 
دارِ النجاةِ.. وتلكَ أغلى الأُمنياتْ 

يا بنتي..
ليس هناك أوقعُ في النفس من الكلمة الطيبة، وليس أسَرَّ للقلب من المعاملة الحسَنة، وليس أجمل من البشاشة عند اللقاء:

هل رأيتِ الأعمالَ تصغرُ حَجماً 
وهيَ في الفرودسِ الجبالُ العَليَّهْ؟ 
ورأيتِ الصديقةَ امتلكَتْها 
بسمةٌ منكِ في الصباحِ حيِيَّهْ؟ 
ورأيتِ الضادَ اللَّطيفةَ كيفَ اهْ 
تزَّ منها قلبُ التُّقى يا بُنيَّهْ؟ 
سرُّ هذا الإخلاصُ.. فاستودِعي السرَّ 
فؤاداً أخلاقهُ نَبَويَّهْ 

يا بنتي..
إذا أردتِ أن تكوني قديرة، حائزة على ثقة الآخرين، فلا تكوني مهذارة في الكلام. وإذا تكلمتِ فبمقدار، وإذا نطقت فلتكن عباراتك قصيرة وافية. وإذا ابتُليتِ بمهذارة في الكلام فاشردي وخططي لمشاريعك الجميلة الخيِّرة:

رأيتِني – يا ابنَتي – بالصَّمتِ متَّشحاً 
فما تكلَّمتُ يوماً دُونَما سببِ 
وذاكَ أنَّ جزاءَ المرءِ مًرتهَنٌ 
بما تفوَّهَ من صدقٍ ومن كذبِ 
فأوجِزي إن يكُن في القولِ منفعةٌ 
ثمَّ الزمي الصَّمتَ، إن الصمتَ مِن ذهبِ 
ثرثارةُ الحيِّ لَم تبرَحْ تسيرُ على 
دربٍ نهايتهُ للهَجرِ والعتَبِ 
والمَرءُ يُعرفُ من تَكرارِ عادتهِ 
فلتُعرَفي بحديثٍ منكِ مُقتضَبِ 

يا بنتي..
اعرفي دينكِ جيداً، فاقرئي كتبَ الفقه خاصة، واستمعي إلى المحاضرات والدروس العلمية من المذياع والتسجيلات وعند فقيهات، وتابعي ما يجدُّ من فتاوى العلماء وأعلام الفِكر الإسلامي، حتى تعرفي الرُّشد من الغي، والحلال من الحرام، والنصيحة من الوقيعة. وحتى تكوني قادرة ومؤهَّلة لكي تربي وتنبهي، وتقوِّمي وترشدي:

أيُّ بَحرٍ نبويٍّ غمرَ الدُّنيا عِبادا 
مَدُّهُ مِن زمزمٍ لِلكَوثرِ امتدَّ امتِدادا! 
أيُّ بحرٍ مُشرقِ القاعِ إذا اللَّيلُ تمادى! 
إنَّهُ الإسلامُ.. فابغِي في مَرافيهِ الرَّشادا 
إنهُ الإسلامُ - يا بِنتي - اسمَعيهِ حينَ نادى: 
هاكِ يا قائدةَ الجيلِ الصَّوارِيْ والقِيادا 
واستَقِلِّي زُرقةَ البحرِ، ولا تخشَي بِعادا 
وأَضِيئي الجَهلَ بالفِقهِ ولا تُبقِي سَوادا. 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 النثر من كتاب: يا بنتي/ محمد خير رمضان يوسف. الرياض: دار الوطن، 1423ه.
 النظم لـصهيب محمد خير يوسف، كتبه عام 1424ه – 2004.

ليست هناك تعليقات:


حينما تكبل فئة من الناس الذنوب وتغمس أفئدتهم في مستنقع الشهوات من عفن الغناء إلى صخب وانحطاط المشاهد وإدمان النظر إلى المومسات ... حينها يطلق قلمي العنان لرحلة المشتاق إلى بلاد الأشواق ... حيث اللذة الدائمة والنعيم المقيم ياأهل الدنيا